الأحد، 1 مارس 2015

⚪️أغنــــي فــــي حبــــك⚪️





كنت في رحلة إلى محافظة القريات في شمال المملكة .. وبعدما انتهيت من المحاضرات سافرت جنوباً إلى جهة محافظة سكاكا الجوف ..


وكانت محاضرة سكاكا بعنوان " ألحان وأشجان " حول الغناء .. وبعدها جاءني شخص متأثراً .. معه ولد له عمره 11 سنة 

.. قال لي : يا شيخ .. في طريق مجيئي من القريات معي ولدي هذا .. مررت أثناء الطريق بحادث مروّع .. سيارة " جيب " .. كان فيها اثنان من الشباب .. قادمان من .. !! ..


انقلبت السيارة بهم عدة مرات .. حتى تطايروا من خلال النوافذ .. وتبعثر عفشهم وتمزقت ملابسهم ..

كنت أول من وقف عليهم .. اتصلت بالإسعاف فوراً .. في الحقيقة لم تكن أول مرة أرى فيها حادث سيارة .. بل ولا موتى .. تعودت على رؤية هذه المناظر منذ زمن ..

 أقبلت أنظر إليهم .. من أول وهلة تنظر فيها إلى ملابسهم .. وقصات شعورهم .. تعرف يقيناً لماذا كانوا هناك .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. عفا الله عنا وعنهم ..

المهم .. توجهت مسرعاً إليهما .. أحاول إنقاذ ما أستطيع إنقاذه .. أما الأول فكان منكباً على الأرض .. قد تمرغ وجهه في التراب .. لا يزال جسمه حاراً .. لا أدري هل مات أم لا ..

تمزق بنطاله وقميصه .. والغبار قد اختلط بالدماء التي صبغت ثيابه .. حتى أصابع يديه لم تسلم من جروح ودماء .. قلبته على ظهره ..


فإذا لحم وجهه قد تمزق حتى لا تكاد ترى شيئاً من ملامحه .. إلا شعرات يسيره من شاربه .. ناديته .. حركته فإذا هو قد قضى ..


 أسرعت إلى الثاني .. فإذا هو على وجهه أيضاً .. والأرض حوله مليئة بالدماء .. وثيابه حمراء .. وعظامه بارزة .. ويبدوا أن الضربة الكبرى كانت على رأسه فقد انشقت جمجمته ..


 وخرج مخه من خلالها .. لم أتحمل المنظر .. انتبهت أن ولدي معي التفت أنظر إليه فإذا هو يبحلق بعينيه مشدوهاً .. حاولت الوقوف بينه وبين الجثة لئلا يرى ..

 نظرت إلى الأغراض المبعثرة حول جثته .. فإذا جواز سفره ومحفظة نقوده وعلبة دخان ..كل هذا لم يشدني فلم أكن أنتظر أن أرى مصحفاً وسواكاً ..

 التفت جهة رأسه .. فإذا شريط واقع على الأرض ليس بينه وبين رأسه إلا شبر واحد .. خفضت رأسي أنظر إلى اسم الشريط فإذا قطعة من المخ قد وقعت على الشريط وغطت اسمه ..


 تحاملت على نفسي ورفعت الشريط بيدي أنظر إليه .. ثم تناولت حجراً من الأرض مسحت به المخ المتلطخ على الشريط .. فإذا هو شريط غناء بعنوان أغني في حبك ..

 لا حظت بكرة الشريط مسحوبه إلى خارجه .. وإذا خيط الشريط منطلق إلى الخارج .. وكأنه لا يزال متصلاً بشيء ..

 التفت أنظر أين يصل ؟ فإذا بي أرى مسجل السيارة واقعاً على الأرض .. وقد خرج من مكان في السيارة مع قوة الحادث 

.. وبعدما ضرب الأرض بقوة انطلق منه الشريط ووقع عند رأس هذا الفتى ليقع على مخه .. نعم ليقع على : أغني في حبك 

.. إي والله مشكله حبُه .. ويبعث أحدكم على ما مات عليه .. ما علينا .. بدأ الناس يكثرون حولنا .. وصار كل من مر بنا يوقف سيارته ويقبل ينظر إلى الحادث ..

 وصل الإسعاف كشف الطبيب عليهما في عجل .. غطاهما بملاءة بيضاء أيقنت عندها أن أرواحهما قد صعدت إلى السماء 

.. لا أدري هل تفتح لها أبواب السماء .. وتبشر بروح وريحان أم تخر من السماء فتخطفها الطير أو تهوي بها الريح في مكان سحيق ..

 بدأ سائق الإسعاف وأصحابه في حمل الجثتين .. وبدأت أجمع أغراضهما المبعثرة .. هذه محفظة .. وهذه ساعة .. وتلك كاميرا .. أخذت أجمع في كيس معي ..

 في أثناء ذلك وقع يدي على ظرف مغلق .. قد انشق طرفه مع وقوعه على الأرض .. مكتوب عليه : يصل إلى يد أبي محمد !! 

.. وبعدها كلمات مكتوبة لا أرغب في ذكرها .. نظرت إلى داخله في مجموعة كبيرة من الصور .. أخرجتها فإذا هي أكثر من خمسين صورة لنساء عرايا ..


حاولت أخفيها عن الناس لئلا يفتضح الشابان .. دافعت عبراتي .. قلت .. هذه فضيحة الدنيا بين عدد قليل لا يعرفهما .. فكيف بهما في فضيحة الآخرة .. عند الأولين والآخرين ..

مع اشتداد الرعب .. وكثرة الفزع .. وتطاير الصحف .. الهم استرنا بسترك.


ما ضرهما لو أطاعا الله فما كلفهما شططاً .. إقامة خمس صلوات .. وفعل الواجبات .. وترك المحرمات ..

 وليس ذلك مشقة .. فالمحرمات أشياء معدودة .. ما ضر العبد لو تركها طاعة للملك ليحبه ويدخله جنته ..

حياتي كلها لله٠٠٠- 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق